بيسا: كلمة شرف
مسلمون ألبان ينقذون يهودا خلال الهولوكوست

"لا تفرقة ضد اليهود في ألبانيا، لأن ألبانيا من تلك الدول النادرة في أوروبا اليوم، التي لا وجود فيها للأحكام المسبقة على خلفية دينية. أما الكراهية فغائبة أصلا، رغم أن الألبان أنفسهم منقسمون إلى ثلاث ديانات مختلفة".في سنة 1934 كتب هيرمان بيرنشتاين، سفير الولايات المتحدة في ألبانيا

المقدمة

تقع ألبانيا، الدولة الجبلية الصغيرة، إلى الجنوب الشرقي من خط ساحل شبه الجزيرة البلقانية، وقد بلغ تعداد سكانها إبان الحرب العالمية الثانية نحو 803 آلاف نسمة لم يتجاوز عدد اليهود منهم ال-200 شخص. بعد تسلم هتلر مقاليد الحكم عام 1933، التجأ العديد من اليهود إلى ألبانيا. ولا تتوفر بيانات دقيقة عن عددهم، غير أنه بحسب مصادر مختلفة بلغ عددهم ما بين 600 و1800 لاجئ يهودي، قدموا من ألمانيا والنمسا وصربيا واليونان ويوغوسلافيا، على أمل مواصلة طريقهم منها إلى أرض إسرائيل أو مكان آخر يمكنهم اللجوء إليه.

وبعد احتلال ألمانيا لألبانيا في سبتمبر أيلول 1943، رفض المواطنون الألبان، وبما يعتبر ظاهرة استثنائية، الامتثال لأوامر المحتل بتسليمه قوائم بأسماء اليهود المقيمين في تخوم الدولة، بل وقد زودت الدوائر الحكومية المختلفة العديد من العائلات اليهودية بأوراق ثبوتية مزورة تسهيلا لاندماجهم بسائر المواطنين الألبان. ولم يكتف الألبان بحماية مواطنيهم اليهود، بل قدموا المأوى للاجئين اليهود القادمين من الدول المجاورة، وكان معظمهم ممن سبق لهم الوصول إلى ألبانيا وهي لا تزال تحت الحكم الإيطالي، فوجدوا أنفسهم الآن مهددين بخطر الترحيل إلى معسكرات الاعتقال.

تعود المساعدة الاستثنائية التي حظي بها اليهود إلى "البيسا" وهي "كلمة الشرف" التي ما زالت تمثل حتى يومنا هذا أعلى كود أخلاقي في الدولة. تعني كلمة "بيسا" الوفاء بالعهد، والشخص الذي يلتزم بالبيسا هو الشخص الذي يفي بوعده، الأمين على صون حياتك وحياة عائلتك. قد يكون هذا السلوك نابعا من العقيدة الإسلامية التي أضفى عليها الألبان هذا المفهوم، وينبغي النظر إلى العون الذي قدموه لليهود وغيرهم ممن ضاقت بهم الأوضاع على أنه تقليد من تقاليد الشرف الوطني، حيث عمل الألبان المستحيل من أجل إنقاذ اليهود، بل وتسابقوا إلى عملية الإنقاذ التي كانوا يعتبرونها حقا لهم لا عليهم، وكل ذلك من منطلق حب الإنسان لأخيه الإنسان والرغبة في مد يد العون لكل بشر يحتاجها، ولو كان دينه غير دينهم.

لقد نجحت ألبانيا، وهي الدولة الأوروبية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة، حيث فشلت غيرها من الدول الأوروبية، إذ نجا جميع اليهود المقيمين في حدودها إبان الاحتلال الألماني، الألبان منهم واللاجئون من دول أخرى، باستثناء عدد من أبناء أسرة واحدة. ومن عجب العجاب أن يكون عدد اليهود المقيمين في ألبانيا في نهاية الحرب العالمية الثانية قد زاد عن عددهم عند نشوبها.

يستمر المعرض في قاعة محاضرات ياد فاشيم حتى مطلع شهر يناير كانون الثاني 2008، ويعاد إقامته تمهيدا للذكرى الدولية للهولوكوست التي تصادف هذا العام في 28\1\2008 في مقر الأمم المتحدة بنيو يورك.

للمزيد من المعلومات عن أنصار الشعب اليهودي، انقر هنا.